فصل: تفسير الآية رقم (104):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد



.تفسير الآية رقم (96):

{يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (96)}
{الفاسقين}
(96)- وَهُمْ إِنَّمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ، وَلَكِنْ إِذَا خُدِعْتُمْ أَنْتُمْ بِأَيْمَانِهِمْ، وَرَضِيتُمْ أَنْتُمْ عَنْهُمْ، فَهذا الرِّضَا لا يَنْفَعُهُمْ فِي شَيءٍ، لأنَّ اللهَ لا يَرْضَى عَنِ القَوْمِ الفَاسِقِينَ، الخَارِجِينَ عَنْ طَاعَتِهِ، وَطَاعَةِ رَسُولِهِ.

.تفسير الآية رقم (97):

{الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97)}
(97)- يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّ فِي الأَعْرَابِ (وَالأَعْرَابُ هُمْ رِجَالُ البَادِيَةِ مِنَ العَرَبِ) كُفّاراً وَمُنَافِقِينَ، وَأَنَّ الكُفْرَ وَالنِّفَاقَ فِيهِمْ أَشَدُّ وَأَغْلَظُ مِمَّا عِنْدَ غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ المُدُنِ، نَظَراً لِجَفَاءِ طِبَاعِهِمْ، وَغِلْطَةِ قُلُوبِهِمْ، وَلِبُعْدِهِمْ عَنِ الحِكْمَةِ، وَمَنَابِعِ العِلْمِ، وَلِذَلِكَ فَحَرِيٌّ بِهِمْ أَلا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ، وَلا أَحْكَامَ الإِسْلامِ، لأَنَّهُمْ لا يَجِدُونَ مَنْ يُعَلِّمُهُمْ إِيَّاهَا، وَاللهُ عَلِيمٌ بِمَا يُصْلِحُ النَّاسَ، حَكِيمٌ فِي تَدْبِيرِهِ.
أَجْدَرُ- أَحَقُّ وَأَحْرَى.

.تفسير الآية رقم (98):

{وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (98)}
{الدوائر} {دَآئِرَةُ}
(98)- وَمِنَ الأَعْرَابِ مَنْ يَعُدُّونَ مَا يُنْفِقُونَهُ مِنْ مَالٍ فِي سَبِيلِ اللهِ غُرْماً وَخَسَاراً، يَحْتَمِلُونَهما مُكْرِهِينَ لأَنَّهُمْ لا يَعْتَقِدُونَ فِي ثَوَابِ اللهِ تَعَالَى عَنِ الجِهَادِ، وَأَعْمَالِ الخَيْرِ، وَيَنْتَظِرُونَ أَنْ تَحِلَّ بِكُمُ المَصَائِبُ وَالكَوَارِثُ، وَأَنْ تَدُورَ عَلَيْكُمُ الدَّوَائِرُ فِي الحَرْبِ. وَيَرُدُّ اللهُ تَعَالَى عَلَى هَؤُلاءِ قَائِلاً: عَلَيْهِمْ هُمْ دَائِرةُ السَّوْءِ وَالبَوَارِ، وَاللهُ سَمِيعٌ لِدُعَاءِ عِبَادِهِ المُخْلِصِينَ، عَليمٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ النَّصْرَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الخِذْلانَ.
مَغْرَماً- غَرَامَةً وَخَسَاراً.
يَتَرَبَّصُ الدَّوَائِرَ- يَنْتَظِرُ بِكُمْ مَصَائِبَ الدَّهْرِ.
عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ- الضَّرَرُ وَالشَّرُّ.

.تفسير الآية رقم (99):

{وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (99)}
{الآخر} {قُرُبَاتٍ} {وَصَلَوَاتِ}
(99)- وَهُنَاكَ مِنَ الأَعْرَابِ جَمَاعَةٌ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ، وَاليَوْمِ الآخِرِ، وَيَعُدُّونَ مَا يُنْفِقُونَهُ مِنْ مَالٍ فِي سَبِيلِ اللهِ، قُرْبَةً يَتَقَرَّبُونَ بِهَا إلَى اللهِ، وَيَبْتَغُونَ بِهَا دُعَاءَ الرَّسُولِ لَهُمْ (وَصَلَوَاتُ الرَّسُولِ) لأَنَّهُ، صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ، كَانَ يَدْعُو لِلْمُتَصَدِّقِينَ، وَيَسْتَغْفِرُ لَهُمْ. وَيَقُولُ تَعَالَى: إِنَّهُ قَبِلَ هذِهِ النَّفَقَةَ مِنْهُمْ، وَسَتَكُونُ قُرْبةً عَظِيمَةً لَهُمْ عِنْدَهُ، وَسَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ، وَسَيَغْفِرُ لَهُمْ ذُنُوبَهُمْ، وَسَيَرْحَمُهُمْ لأَنَّهُ تَعَالَى كَثِيرُ الغُفْرَانِ لِذُنُوبِ عِبَادِهِ، رَحِيمٌ بِهِمْ.
صَلَوَاتُ الرَّسُولِ- دَعَوَاتُ الرَّسُولِ وَاسْتِغْفَارُهُ لِلْمُنْفِقِينَ.

.تفسير الآية رقم (100):

{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)}
{والسابقون} {المهاجرين} {بِإِحْسَانٍ} {جَنَّاتٍ} {الأنهار} {خَالِدِينَ}
(100)- يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَنْ رِضَاهُ عَنِ السَّابِقِينَ الأَوَّلِينَ مِنَ المُهَاجِرِينَ، (وَهُمُ الذِينَ هَاجَرُوا قَبْلَ صُلْحِ الحُدَيْبِيَةِ)، وَمِنَ الأَنْصَارِ (وَهُمُ الذِينَ بَايَعُوا الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْعَتَي العَقَبَةِ وَالرِّضْوَانِ)، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ. وَيُخْبِرُ تَعَالَى بِرِضَاهُ عَنْهُمْ بِمَا أَسْبَغَ عَلَيْهِمْ مِنْ نِعْمَةٍ فِي الدُّنْيَا، مِنْ عِزٍّ وَنَصْرٍ وَمَغْنَمٍ وَهُدًى، وَبِمَا أَعَدَّهُ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ، مِنْ جَنَّاتٍ تَجْرِي الأَنْهَارُ فِي جَوَانِبِهَا، وَهُمْ مُخَلَّدُونَ فِيهَا أَبَداً. وَالفَوْزُ الذِي فَازَ بِهِ هَؤُلاءِ الكِرامُ البَرَرَةُ هُوَ أَعْظَمُ الفَوْزِ.

.تفسير الآية رقم (101):

{وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101)}
{مُنَافِقُونَ}
(101)- يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى أَنَّ فِي أَحْيَاءِ العَرَبِ، مِمَّنْ هُمْ حَوْلَ المَدِينَةِ، مُنَافِقِينَ، كَمَا يُوجَدُ مُنَافِقُونَ بَيْنَ أَهْلِ المَدِينَةِ، وَقَدْ تَمَرَّنُوا عَلَى النِّفَاقِ، وَحَذَقُوهُ، حَتَّى بَلَغُوا بِهِ الغَايَةَ فِي إِتْقَانِهِ، وَأَصْبَحَ مِنَ الصَّعْبِ العَسِيرِ كَشْفُهُمْ وَمَعْرِفَتُهُمْ (مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ)، وَأَنْتَ يَا مُحَمَّدُ لا تَعْرِفُهُمْ، وَلَكِنَّ اللهَ يَعْرِفُهُمْ، وَسَيُعَذِّبُهُمْ فِي الدُّنْيَا مَرَّتِينِ:
أُولاهُمَا:- فِيمَا يُصِيبُهُمْ مِنَ المَصَائِبِ وَالخَوْفِ مِنَ الفَضِيحَةِ بِهَتْكِ أَسْتَارِهِمْ.
وَثَانِيَتَهما- فِي آلامِ المَوْتِ، وَضَرْبِ المَلائِكَةِ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ حِينَ قَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ.
وَفِي الآخِرَةِ يُرَدُّونَ إِلَى جَهَنَّمَ، وَبِئْسَ المَصِيرُ.
مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ- تَمَرَّنُوا عَلَيْهِ، وَحَذَقُوهُ.

.تفسير الآية رقم (102):

{وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (102)}
{وَآخَرُونَ} {صَالِحاً} {وَآخَرَ}
(102)- بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ اللهُ تَعَالَى حَالَ المُتَخَلِفِينَ عَنِ الجِهَادِ تَكْذِيباً وَشكّاً، شَرَعَ فِي بَيَانِ حَالِ المُتَخَلِّفِينَ عَنِ الجِهَادِ كَسَلاً، مَعَ إِيمَانِهِمْ وَتَصْدِيقِهِمْ بِالحَقِّ، فَقَالَ: وَهُنَاكَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ، وَأَقرُّوا بِهَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ، لَهُمْ أَعْمَالٌ صَالِحَةٌ خَلَطُوا بِهَا أَعْمَالاً سَيِّئَةً، هِيَ تَقَاعُسُهُمْ عَنِ الخُرُوجِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَتِهِ، وَقُعُودُهُمْ عَنِ الخُرُوجِ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَهَؤُلاءِ تَحْتَ عَفْوِ اللهِ وَغُفْرَانِهِ، وَقَدْ يُوَفِّقُهُمْ إلى التَّوْبَةِ الصَّحِيحَةِ، فَيَغْفِرُ لَهُمْ لأنَّهُ تَعَالَى هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
(وَرُوِيَ أَنَّ هَذِه الآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَبِي لُبَابَةَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، تَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَلَمَّا رَجَعَ الرَّسُولُ مِنْ غَزْوَتِهِ، رَبَطُوا أَنْفُسَهُمْ بِسَوارِي المَسْجِدِ، وَحَلَفُوا لا يَحُلُّهُمْ إِلا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَة أَطْلَقَهُمْ رَسُولُ اللهِ، وَعَفَا عَنْهُمْ).

.تفسير الآية رقم (103):

{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)}
{أَمْوَالِهِمْ} {صلاوتك}
(103)- يَأْمُرُ اللهُ تَعَالَى رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَمْوَالِ الذِينَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ، صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ مِنْ دَنَسِ البُخْلِ، وَالطَّمَعِ، وَالقَسْوَةِ عَلَى الفُقَرَاءِ، وَتُزَكِّي بِهَا أَنْفُسَهُمْ، وَتَرْفَعُهُمْ إِلَى مَنَازِلِ الأَبْرَارِ بِفِعْلِ الخَيْرَاتِ حَتَّى يَكُونُوا أَهْلاً لِلسَّعَادَةِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. ثُمَّ أَمَرَ اللهُ رَسُولَهُ بِأَنْ يَدْعُوَ لَهُمْ، وَيَسْتَغْفِرَ لَهُمْ (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ)، لأنًّ صَلاةَ الرَّسُولِ رَحْمَةٌ بِهِمْ، وَرَاحَةٌ لأَنْفُسِهِمْ، وَاللهُ سَمِيعٌ لاعْتِرَافِهِمْ بِذُنُوبِهِمْ، وَسَمِيعٌ لِدُعَاءِ الرَّسُولِ لَهُمْ، عَلِيمٌ بِإِخْلاصِهِمْ فِي تَوْبَتِهِمْ، وَنَدَمِهِمْ مِن هَذِهِ الذُّنُوبِ.
تُزَكِّيهِمْ بِهَا- تُنَمِّي بِهَا حَسَنَاتِهِمْ وَأَمَوالَهُمْ.
صَلِّ عَلَيْهِمْ- ادْعُ لَهُمْ، وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ اللهَ.
سَكَن لَهُمْ- طُمَأْنِينَةٌ أَوْ رَحْمَةٌ لَهُمْ.

.تفسير الآية رقم (104):

{أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (104)}
{الصدقات}
(104)- يَحُثُّ اللهُ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ عَلَى التَّصَدُّقِ، وَعَلَى التَّوْبَةِ، وَهُمَا الوَسِيلَتَانِ الَّلتَانِ يَحُطُّ بِهِمَا الذُّنُوبَ عَنْ عِبَادِهِ، وَيُخْبِرُ اللهُ أَنَّهُ هُوَ وَحْدَهُ الذِي يَقْبَلُ تَوْبَةَ عِبَادِهِ، وَأَنَّ مَنْ تَابَ إَلَى اللهِ تَابَ اللهُ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ مِنْ كَسْبٍ حَلالٍ فَإِنَّهُ يَتَقَبَّلُها بِيَمِينِهِ، فَيُرَبِّيها لِصَاحِبِهَا حَتَّى تُصْبِحَ التَّمْرَةُ مِثْلَ جَبَلِ أُحُدٍ.
يَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ- يَقْبَلُهَا وَيُثِيبُ عَلَيهَا.

.تفسير الآية رقم (105):

{وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)}
{عَالِمِ} {الشهادة}
(105)- هَذَا وَعِيدٌ مْنَ اللهِ تَعَالَى لِمَنْ خَالَفُوا أَوَامِرَهُ، وَتَحْذِيرٌ لَهُمْ بِأَنَّ أَعْمَالَهُمْ سَتُعْرَضُ عَلَيهِ، وَعَلَى رَسُولِهِ، وَعَلَى المُؤْمِنِينَ، يَوْمَ القِيَامَةِ، وَأَنَّهُمْ سَيُرَدُّونَ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلَى اللهِ، الذِي يَعْلَمُ الغَيْبَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَهُوَ الشَاهِدُ عَلَى خَلْقِهِ جَمِيعاً، فَيُخْبِرُهُمْ بِكُلِّ عَمَلٍ عَمِلُوهُ.

.تفسير الآية رقم (106):

{وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (106)}
{وَآخَرُونَ}
(106)- وَهَؤُلاءِ المُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللهِ تَعَالَى هُمْ: مَرارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ، وَهِلالُ بْنُ أُمَيَّةَ، قَعَدُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فِي جُمْلَةِ مَنْ قَعَدَ كَسَلاً، وَمَيْلاً إِلَى الرَّاحَةِ، لا شَكّاً وَلا نِفَاقاً، أَتَوْا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَاعْتَرَفُوا لَهُ بِأَنَّهُمْ لا عُذْرَ لَهُمْ، فَأَرْجَأَهُمْ رَسُولُ اللهِ حَتَّى يَقْضِيَ اللهُ فِي أَمْرِهِمْ، وَأَمَرَ النَّاسَ بِأَلا يُكَلِّمُوهُمْ، وَلا يُخَالِطُوهُمْ، فَالتَزَمُوا بُيُوتَهُمْ حَتَّى ضَاقَتْ بِهِمُ الدُّنْيَا عَلَى سَعَتِها، خَوْفاً مِنْ عَذَابِ اللهِ وَسُخْطِهِ، وَاللهُ عَلِيمٌ بِمَا يُصْلِحُ عِبَادَهُ، وَيُرَبِّيهِمْ وَيُزَكِّيهِمْ، وَهُوَ حَكِيمٌ فِي شَرْعِهِ لَهُمْ.
مُرْجَوْنَ- مُؤَخَّرُونَ لا يُقْطَعُ لَهُمْ بِتَوْبَةٍ (وَأَصْلُها مُرْجَؤُونَ).

.تفسير الآية رقم (107):

{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (107)}
{لَكَاذِبُونَ}
(107)- قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ هَؤُلاءِ هُمْ أُنَاسٌ مِنَ الأَنْصَارِ بَنُوا مَسْجِداً، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو عَامِرِ الرَّاهِبُ (وَهُوَ رَجُلٌ مِنَ الخَزْرَجِ تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَأَبَي الإِسْلامَ، وَأَخَذَ يَكِيدُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَيَتَآمَرُ عَلَيْهِمْ مَعَ قُرَيشٍ، وَمَعَ أَعْدَائِهِمْ، وَأَلَّبَ المُشْرِكِينَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي وَقْعَةِ أُحُدٍ، وَحَاوَلَ اسْتِمَالَةَ الأَنْصَارِ فِي المَعْرَكَةِ فَسَبُّوهُ): ابْنُوا مَسْجِداً يَكُونُ مَرْصَداً لَهُ إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ. ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِأَنْ يَسْتَعِدُوا، وَأَنْ يَجْمَعُوا مَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قُوَّةٍ وَسِلاحٍ، وَقَالَ لَهُمْ: إِنَّهُ ذَاهِبٌ إِلى قَيْصَرِ الرُّومِ فَآتٍ بِجُنُودٍ مِنَ الرُّومِ لإِخْرَاجِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ، فَأَخَذُوا فِي بِنَاءِ المَسْجِدِ قُرْبَ مَسْجِدِ قَباءٍ، وَلَمَّا انْتَهَوْا مِنْ بِنَائِهِ أَتَوْا إِلى الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا لَهُ: لَقَدْ فَرَغْنَا مِنْ بِنَاءِ مَسْجِدِنَا فَنُحِبُّ أَنْ تَصَلِّيَ فِيهِ، وَتَدْعُو لَنَا بِالبَرَكَةِ. وَكَانَ الرَّسُولُ خَارِجاً إِلى غَزْوَةِ تَبُوك، فَأَرْجََأَ ذَلِكَ إِلى حينِ عَوْدَتِهِ. وَحِينَ عَادَ نَزَل عَلَيهِ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلامُ، يُخْبِرُهُ بِغَايَةِ بُنَاةِ المَسْجِدِ وَقَصَدِهِمْ، وَأَمَرَهُ بِأَنْ لا يُصَلِّيَ فِيهِ أَبَداً. وَيَقُولُ تَعَالَى: إِنَّ الذِينَ بَنُوا هَذا المَسْجِدِ سَيَحْلِفُونَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا أَرَادُوا بِبِنَائِهِ الخَيْرَ وَالإِحْسَانَ إِلَى النَّاسِ، وَاللهُ يَشْهَدُ أَنَّهُمْ كَاذِبُونَ فِيمَا قَالُوهُ، وَفِيمَا قَصَدُوهُ، وَفِيمَا نَوَوْهُ؛ فَهُمْ إِنَّمَا بَنَوْهُ ضِرَاراً لِمَسْجِدِ قِبَاءٍ، وَكُفْراً بِاللهِ، وَتَفْرِيقاً لِلْمُؤْمِنِينَ (الَّذِينَ كَانُوا يُصَلُّونَ جَمِيعاً فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ هُوَ مَسْجِدُ قِبَاءٍ، وَفِي ذَلِكَ يَحْصُلُ التَّعَارُفُ وَالتَّآلُفُ، وَتُجْمَعُ الكَلِمَةُ)، وَإِرْصَاداً لِمَنْ حَارَبَ اللهُ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلِ بِنَاءِ هَذا المَسْجِدِ.
الضِّرارُ وَالمُضَارَّةُ- مُحَاوَلَةُ إِيقَاعِ الضَّرَرِ.
الإِرْصَادُ- الانْتِظَارُ وَالتَّرَقُّبُ مَعَ العَدَاوَةِ.